||

زراعة الخلايا

مقدمة:

تشير زراعة الخلايا إلى عملية إنماء الخلايا البدائية، سواءً كانت خلايا أولية أو خطوطًا خلوية، في أوساط غذائية مناسبة ضمن أطباق أو أوعية معقمة. يُستخدم هذا المصطلح عادةً للدلالة على زراعة خلايا الحيوانات متعددة الخلايا، كما يُستخدم للإشارة إلى زراعة خلايا الحيوانات والنباتات على حد سواء.
تتطلب زراعة الخلايا وسطًا غذائيًا خاصًا مدعومًا بمزيج من المغذيات، وعادةً ما تُزرع الخلايا عند درجة حرارة ثابتة تبلغ 37 درجة مئوية، مع تزويدها بنسبة مناسبة من غاز ثاني أكسيد الكربون .Co2

بما أن زراعة الخلايا تتم في بيئات صناعية معقمة، فإن محل نمو هذه الخلايا قد يكون عرضة لنمو الكائنات الدقيقة الملوثة مثل البكتيريا والفطريات. ولذلك، غالبًا ما تُضاف مضادات حيوية، مثل البنسلين والستربتوميسين والجيلتامايسين، إلى الأوساط الزراعية لمنع حدوث التلوث الجرثومي.توجد أنواع متخصصة من أوساط الزراعة تُستخدم حسب نوع الخلايا المزروعة؛ إذ تدعم بعض الأوساط نمو خلايا معينة دون غيرها. قد تنقسم الخلايا المزروعة بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تكوين مستعمرات خلوية جديدة، لذا يجب الحفاظ على بيئة زراعة مناسبة وتجديد الأوساط الغذائية بشكل دوري لضمان بقاء الخلايا حية ونشطة

تُعد دراسة الكائنات الحية الدقيقة باستخدام زراعة الخلايا أحد التطبيقات المهمة، حيث تُمكّن الباحثين من تحليل الكائنات الحية المعقدة وفهم كيفية تحوّل الخلايا إلى خلايا متخصصة، انطلاقًا من خلية واحدة غير متمايزة. في هذا السياق، يمكن استنساخ خلية واحدة عبر زراعتها في بيئات مصطنعة، مما يسمح بدراسة مراحل تطورها المختلفة ووظائفها التفصيلية.

من خلال زراعة الخلايا البدائية، يمكن تتبع مراحل تطور الخلايا إلى أنواع أخرى متميزة. كما تساعد هذه الطريقة على دراسة الإشارات والعوامل البيولوجية التي تتحكم في تمايز الخلايا، مما يُسهل دراسة العمليات الحيوية المعقدة مثل انقسام الحمض النووي (DNA) وتضاعف الحمض النووي الريبي (RNA)، والعديد من الآليات الحيوية الأخرى المرتبطة بالتكاثر الخلوي.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن من خلال زراعة الخلايا دراسة الأيض الخلوي، مثل امتصاص الجزيئات، وإفراز الإنزيمات والهرمونات، وتحديد استجابة الخلايا للمتغيرات البيئية المختلفة. ويُستخدم في بعض الأحيان مضادات حيوية، مثل البنسلين والستربتوميسين، للحفاظ على الخلايا المزروعة في بيئات معقمة وخالية من التلوث الجرثومي.

تُسهم دراسة الظروف البيئية المختلفة، مثل تغيرات مستويات الأوكسجين، ودرجة الحرارة، والضغط الأسموزي، والتركيبات الأيونية، في فهم تأثير هذه العوامل على نمو الخلايا واستجابتها الحيوية. لذلك تُعد زراعة الخلايا أداة أساسية في دراسة التغيرات الفسيولوجية للخلايا تحت ظروف مختبرية مضبوطة.

علاوة على ذلك، تُستخدم زراعة الخلايا لاختبارات السُمية، إذ تتيح قياس تأثير العقاقير أو المواد الكيميائية على الخلايا الحية بطريقة أسرع وأبسط مقارنة بالاختبارات الحيوانية التقليدية.

يمكن كذلك إجراء تجارب خارج الجسم الحي (ex vivo) لاستخراج الخلايا مباشرة من الدم أو الأنسجة؛ مما يسمح بدراسة الخلايا في بيئة مشابهة للبيئة الطبيعية داخل الجسم، ودون الحاجة لإجراء زراعة طويلة الأمد .

تُعد تقنية الهضم الإنزيمي من الطرق المستخدمة لفصل الخلايا، حيث تُستخدم إنزيمات مثل الكولاجيناز، والتربسين، والبروناز لتفكيك المصفوفة خارج الخلوية وتحرير الخلايا منها.

طريقة أخرى لزراعة الخلايا تتضمن زرع قطع صغيرة من الأنسجة مباشرةً في وسط زراعة مناسب؛ حيث تنمو الخلايا القادرة على البقاء والتكاثر في بيئة الزراعة المحيطة. تُعرف هذه الطريقة باسم زراعة الأنسجة الصغيرة.

تُسمى الخلايا التي تُعزل مباشرة من الكائن الحي بـ الخلايا الأولية، وتمتاز بكونها ذات عمر محدود. فمعظم الخلايا الطبيعية، باستثناء تلك المشتقة من الأورام، لا تستطيع الانقسام إلى أجل غير مسمى. ومع ذلك، يمكن تأسيس خطوط خلوية خالدة نتيجة حدوث طفرات تلقائية أو موجهة (مثل التعبير الاصطناعي لبعض الجينات)، مما يمنحها القدرة على التكاثر المستمر، ويجعلها نموذجًا مهمًا لدراسة أنواع خلوية معينة.