||

استخلاص الخلايا الأولية من الأنسجة

مقدمة:

الزراعة الأولية (Primary Cell Culture) هي نظام زراعة خلايا يتم فيه الحصول على الخلايا مباشرةً من أنسجة أو أعضاء الكائنات الحية.تبدأ هذه العملية عادةً بأخذ خزعة (Biopsy) من نسيج أو عضو، بحجم يتراوح بين 1 إلى 3 سنتيمترات.في الأنسجة الطبيعية، تكون الخلايا مترابطة عبر الروابط بين الخلايا (Cell–Cell Junctions) والاتصالات بالغشاء القاعدي (Basement Membrane)، مما يستلزم أولاً تفكيك هذه الروابط لتحرير الخلايا .

طرق استخلاص الخلايا الأولية:

لتحرير الخلايا من النسيج، تُستخدم طريقتان رئيسيتان:

1- الهضم الإنزيمي :
يتم استخدام إنزيمات بروتيوليتيكية مثل:

  •      التربسين (Trypsin)

  •      الكولاجيناز (Collagenase)
    هذه الإنزيمات تعمل على تفكيك البروتينات التي تربط الخلايا ببعضها البعض أو بالمصفوفة خارج الخلوية.

    2- الفصل الميكانيكي :
    يشمل تقسيم النسيج إلى أجزاء صغيرة باستخدام أدوات جراحية معقمة مثل الشفرات أو المقصات الدقيقة.

بعد المعالجة الإنزيمية أو الميكانيكية، يتم غسل الأنسجة بعناية لإزالة بقايا الإنزيمات أو الملوثات، ثم تُجمع الخلايا المنفصلة ويتم تنقيتها باستخدام عملية الطرد المركزي (Centrifugation)، ومن ثم تُعاد زراعتها في أوعية الزراعة المناسبة.

 

متابعة الزراعة الأولية:

بمجرد نقل الخلايا إلى أوعية الزراعة، تبدأ الخلايا تدريجيًا بالانفصال عن كتل الأنسجة والالتصاق بقاع القارورة أو طبق الزراعة.يُعتبر الاستخلاص ناجحًا عندما تظهر خلايا سليمة ذات مورفولوجيا منتظمة ومميزة.

ومع ذلك، قد ترافق عملية الزراعة الأولية تلوثًا بخلايا غير مرغوب بها، مثل:

  • الخلايا الليفية (Fibroblasts)

  • أو أنواع أخرى من الخلايا غير المستهدفة.

لذلك، تُستخدم تقنيات إضافية لضمان نقاء العينة، مثل:

  • استخدام أوساط زراعة محددة تعزز نمو نوع الخلايا المطلوب فقط.

  • فحص تعبير مستقبلات السطح الخلوي (Surface Markers) الإيجابية والسلبية عبر تقنيات الفلوسيتومتري أو التلوين المناعي، لتأكيد الهوية الخلوية، خاصة في حال العمل على الخلايا الجذعية الأولية

 

استخلاص الخلايا الجذعية

توجد الخلايا الجذعية (Stem Cells) في عدة مواقع من جسم الإنسان، بما في ذلك نخاع العظام، والأنسجة الدهنية، والدماغ، وجذور الأسنان، والدم، والكبد، والقلب، والعضلات الهيكلية، وغيرها من الأنسجة الحيوية. تُعد التقنية المثلى لاستخلاص الخلايا الجذعية هي تلك التي تتيح الحصول على أكبر عدد ممكن من الخلايا مع أقل ضرر خلوي ممكن لضمان بقاء الخلايا بحالة جيدة وقابلة للاستخدام.

معايير اختيار طريقة الاستخلاص:

يُعتبر الهدف النهائي من استخدام الخلايا الجذعية معيارًا حاسمًا في تحديد طريقة الاستخلاص والنسيج المستهدف.
على سبيل المثال:

  • في التطبيقات العلاجية (الإكلينيكية):
    يتم غالبًا استخلاص الخلايا الجذعية من نخاع العظام.
    ورغم أن جمع نخاع العظام يتطلب إجراءً جراحيًا مؤلمًا للمتبرع، إلا أنه يعتبر الخيار الأمثل عندما تكون هناك حاجة لإجراء اختبار مطابقات الأنسجة (مثل تحليل HLA)، لضمان قبول الخلايا من قبل المستقبل.

  • في النماذج البحثية:
    يمكن اللجوء إلى مصادر بديلة أقل تدخلاً، مثل الأنسجة الدهنية الناتجة عن عمليات شفط الدهون، لاستخلاص الخلايا الجذعية، حيث تكون هذه الأنسجة متوفرة بسهولة مع الحد الأدنى من الألم أو التعقيدات

 

أنواع الخلايا الجذعية المستخدمة على نطاق واسع:

يستخلص الباحثون ويزرعون عدة أنواع من الخلايا الجذعية، من أبرزها:

  1. الخلايا الجذعية الجنينية (Embryonic Stem Cells):

    • تُصنف كخلايا متعددة القدرات (Pluripotent).

    • قادرة على التمايز إلى جميع أنواع الخلايا في الجسم.

  2. الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem Cells, iPSCs):

    • يتم توليدها عن طريق إعادة برمجة خلايا جسدية بالغة إلى حالة تشبه الخلايا الجنينية.

    • تمتاز بإمكانية استخدامها في النماذج المرضية والعلاج بالخلايا.

  3. الخلايا الجذعية البالغة (Adult Stem Cells):

    • تُصنف غالبًا كخلايا متعددة القدرات أيضًا، لكنها تقتصر على التمايز إلى أنواع خلوية محددة ضمن الأنسجة الأصلية.

بالطبع، توجد أنواع أخرى متنوعة من الخلايا الجذعية في الجسم البشري، تحمل قيمة بحثية عالية في سياقات متعددة، إلا أن الأنواع الثلاثة المذكورة تُعد الأكثر استخدامًا وأسهل في الاستخلاص والتكاثر

 

أنواع الخلايا الجذعية ومصادرها

 1- الخلايا الجذعية الجنينية (Embryonic Stem Cells, ESCs)

تُعد الخلايا الجذعية الجنينية من أولى أنواع الخلايا الجذعية التي تم استخراجها وزراعتها في أواخر القرن العشرين.
وقد تزايد الاهتمام بزراعتها واستخدامها في البحث العلمي خلال السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين

تتميز الخلايا الجذعية الجنينية بقدرتها العالية على التمايز إلى أنواع خلوية مختلفة، إلا أن استخلاصها وزراعتها يرتبطان بتحديات تقنية وأخلاقية كبيرة.
لاستخلاص هذه الخلايا، يجب الحصول على جنين في مرحلة الكيسة الأريمية (Blastocyst Stage)، ثم نقل الخلايا الداخلية إلى طبقة داعمة من الخلايا الليفية الجنينية للفأر (Mouse Embryonic Fibroblasts, MEFs) لتنميتها.

يُعد الحفاظ على بيئة زراعة مناسبة لخلايا ESCs أمرًا مكلفًا، نظرًا لحاجتها إلى أنواع متعددة من عوامل النمو والمركبات الخاصة.
إضافةً إلى ذلك، تتطلب اختبارات التأكيد لهوية هذه الخلايا (مثل اختبار تعبير جينات Oct4 وNanog) بروتوكولات معقدة ومكلفة.

رغم قدرتها العالية على التمايز، إلا أن هذه الخاصية تزيد من خطر تكوين الأورام الخبيثة (Teratomas) عند زراعة الخلايا الجذعية الجنينية دون رقابة صارمة

 2-   الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (Induced Pluripotent Stem Cells, iPSCs)

بسبب المشكلات الأخلاقية المرتبطة باستخدام الخلايا الجنينية، تمكن الباحث الياباني شينيا ياماناكا في عام 2006 من تطوير تقنية لإنتاج خلايا جذعية مستحثة من خلايا جسدية متميزة.
تعتمد هذه التقنية على إعادة برمجة خلايا مثل الخلايا الليفية الجلدية عبر إدخال مجموعة محددة من الجينات الرئيسية تشمل:

  • Klf4

  • Sox2

  • Oct3/4

  • c-Myc

يتم إدخال هذه الجينات باستخدام تقنيات النقل الجيني أو التعديل اللاجيني (Epigenetic Reprogramming)، مما يؤدي إلى تحويل الخلية المتمايزة إلى خلية جذعية متعددة القدرات تشبه الخلايا الجنينية.

تُوفر الخلايا iPSCs بديلاً أخلاقيًا للخلايا الجنينية مع إمكانية استخدامها في النماذج المرضية والعلاجات التجديدية.

 

 3- الخلايا الجذعية البالغة (Adult Stem Cells)

تُعد الخلايا الجذعية البالغة، خصوصًا الخلايا الجذعية الميزنشيمية (Mesenchymal Stem Cells, MSCs)، من أكثر أنواع الخلايا الجذعية استخدامًا على مستوى العالم.

توجد هذه الخلايا بتركيزات مرتفعة في بعض المواطن البيولوجية مثل:

  • نخاع العظام

  • الأنسجة الدهنية

  • جذور الأسنان

  • الأنسجة المرتبطة بالجنين مثل الحبل السري

استخلاص الخلايا الجذعية الميزنشيمية:

  1. من نخاع العظام:
    رغم أن جمع عينات نخاع العظام مؤلم ويسبب أضرارًا بدنية، إلا أن سهولة تفكيك الخلايا نتيجة ضعف الروابط الخلوية يجعل من نخاع العظام مصدراً مناسباً لاستخلاص MSCs.
    بعد الغسيل والطرد المركزي باستخدام محاليل تدرجية مثل الفايكول (Ficoll), يتم تنقية الخلايا.

  2. من الأنسجة الدهنية أو الحبل السري:
    تتطلب هذه الأنسجة معالجة أكثر تعقيدًا بسبب الروابط الخلوية القوية.
    تتكون المصفوفة خارج الخلوية (ECM) أساسًا من الكولاجين من النوع الأول، مما يستدعي استخدام إنزيمات معينة:

  •     التربسين: لكسر ارتباط الإنتغرين بالكولاجين.

  •      الكولاجيناز النوع الأول: لتفكيك ألياف الكولاجين.

بعد المعالجة بالإنزيمات وإيقاف تأثيرها بإضافة وسط زراعة يحتوي على Fetal Bovine Serum (FBS)، يتم طرد الخلايا مركزيًا.

في حالة الأنسجة الدهنية، يتم الحصول على رواسب معروفة باسم الجزء الوعائي اللحمي (Stromal Vascular Fraction, SVF)، والتي تحتوي على الخلايا الجذعية الميزنشيمية ويمكن زراعتها لاحقًا